العفة ومنهج الاستعفاف
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلي الجنة فقال : انظر اليها ، قال فرجع إليه فقال : وعزتك لا يسمع بها أحدا إلا دخلها. فحفت بالمكاره. فقال : ارجع إليها. فرجع فقال وعزتك لقد خفت ألا يدخلها أحد. قال : اذهب إلي النار فانظر إليها. فرجع فقال : وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها ، فحفت بالشهوات. فقال : ارجع إليها.
فرجع فقال : وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد".
نعم فإن جنة الله غالية لا تنال إلا بإكراه النفس ، وإصلاحها واستقامتها علي منهج الله سبحانه وتعالي.
وإن نصر الله عز وجل لا يتنزل إلا علي نفوس طاهرة وقلوب نقية وأرواح سامية وأبدان شغلت بطاعته وعقول خضعت لعبوديته...
وهذه كلها لا تكون إلا بالاستقامة.. والاستقامة لا تكون إلا بالمجاهدة. فعلي دعاة الإسلام أن ينشطوا لهذا كما ينشطون لغيره وليعلموا أنهم بهذا ينالون شرف الطاعة وعز العبودية لله عز وجل.
فليقبلوا علي أنفسهم فيطهروها وعلي قلوبهم فيحيوها وعلي أرواحهم فليزكوها وعلي أبدانهم فليشغلوها بطاعة الله وعلي عقولهم فليقوها من مصارع الشهوة. ثم ليرتقبوا بعد ذلك نصر الله في الدنيا وجاورة رسوله صلي الله عليه وسلم وصحبه الأخيار الأبرار في الآخرة.
وهذا البحث يتناول ملامح لمنهج الاستعفاف والعفة ، وذلك لأن شهوة الفرج هي أكثر الشهوات إهلاكا للشباب وإشغالا لأذهانهم ولعل أغلب دعاة الإسلام من الشباب لذا قد يجد الكثير منهم أن صون نفسه في هذا المجتمع الملئ بالفتن ، المسعور بالشهوات يحتاج إلي منهج واضح يسير عليه ويقوم به علي نفسه وشهوته... لهذا كله نقدم هذا البحث لعل الله يهدي به من قويت عزيمته وصحت توبته واشتاقت نفسه للجنة وهابت من النار.
(ربنا آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها)
يحيى بن سليمان العقيلي